وكالة زيتون – خاص
لاقى قرار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حول إنشاء “المفوضية العليا للانتخابات” غضب بعض السياسيين والنشطاء في الداخل والخارج، معتبرين القرار متسرع وغير مدروس جيداً ويرسخ انفصاله عن الشارع ويزيد من فقد الناس ثقتهم بمن يمثل الثورة سياسياً.
وقال “حسام الحافظ” وهو محامي وأكاديمي سوريا ورئيس المكتب القانوني في “الهيئة العليا للمفاوضات” سابقاً، بحديث خاص لـ”وكالة زيتون”، إنه بعد قراءته للبيان عدة مرات، تبين بشكل واضح أنه يتعلق بالمشاركة أو التحضير للمشاركة أو جس النبض للمشاركة بـ”الاستحقاقات السورية” القادمة، سواء كانت انتخابات مباشرة أو غير مباشرة أو استفتاء أو ما شابه دون ربطها بأي ضوابط أو موجبات قانونية والتي يأتي على رأسها الانتقال السياسي.
وأضاف، جميع التصريحات يروج لها بعض أعضاء الائتلاف أو هيئة التفاوض التي تؤكد القفز على هذه الموجبات والشروط كلام باطل قانونياً وسياسياً وتفاوضياً، فبدون تسلسل واضح بالتفاوض والتنفيذ لا يجوز الحديث عن أي تحضيرات دستورية بهذا الشكل إلا بعد التوافق على الانتقال السياسي أولاً وشكل المرحلة الانتقالية ثانياً، والبيئة الآمنة ثالثاً، من أجل الوصول إلى المشاركة بـ”الاستحقاقات الانتخابية”.
ولفت الحافظ إلى أن ذلك كله بعد استبعاد الحلقة الإجرامية في نظام الأسد، وقبل ذلك أي حديث عنه لا يمكن تفسيره دون وضع ألف إشارة استفهام ولا يمكن أن نفترض حسن نية بشأنه، وحتى أن تكهنا بوجود مبررات عند من أصدر البيان، كوجود شيء لا نعلمه مثل وعود دولية ثم إقناع أعضاء الائتلاف والمتصدرين للمشهد بها أو وجود وعود سياسية تم إستعمال أدوات دبلوماسية لإيصالها للائتلاف أو لهيئة التفاوض دفعتهم لاتخاذ هذا القرار فإن مضمون البيان خاطئ وكارثي بالكلية.
وسهل الحافظ على الائتلاف وهيئة التفاوض عملية التراجع عن القرار والعودة إلى المسار الصحيح، من خلال التراجع عن كل التجاوزات من كلا المؤسستين وما انتجته آلة سوتشي من لجنة دستورية وما شابه.
بينما قال الناشط السياسي “ساجد تركماني” في تصريح خاص لـ”وكالة زيتون”، أنه وللوهلة الأولى بعد إطلاعه على بيان الائتلاف حول تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، ظنها مجرد مناورة سياسية لإحراج نظام الأسد.
وأضاف تركماني، بعد قراءة معمقة لبيان الائتلاف الذي يرأسه حالياً الدكتور نصر الحريري والعودة بالذاكرة لفترة تسلمه رئاسة هيئة التفاوض والتي تم خلالها تمرير تشكيل اللجنة الدستورية، والآن بعد بضعة أشهر من توليه رئاسة الائتلاف يتم اقرار لجنة للانتخابات، يعني ذلك أن المسار السياسي كله يتجه في ظل توليه هيئة التفاوض والائتلاف نحو قضية واحدة فقط وهي (الدستور والانتخابات)، الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب.
ولفت تركماني إلى أن قضية الدستور والانتخابات هي إحدى سلال ديميستورا الأربعة، والتي قام من خلالها بالالتفاف على القرار الأممي 2254 وتعطيله وتجاهل قضية الانتقال السياسي، وبيان الائتلاف علق بدء عمل اللجنة الانتخابات بتوفير بيئة آمنة ومحايدة، وهذا من المستحيلات القطعية في ظل بقاء نظام الأسد.
ونوه أن بشار الأسد ليس شخصياً فقط، بل مجموعة دول تستثمر في سوريا من خلاله اقتصادياً مثل روسيا، وأيديولوجياً مثل إيران، لافتاً أن البيئة الآمنة والمحايدة ضرب من المستحيل في ظل الاحتلالات المتعددة لسوريا وحتى لو توفرت بيئة آمنة مؤقتة لذر الرماد في العيون، فشرط محايدة مستحيل آخر تحت نير الاحتلال.
واختتم تركماني حديثه، أن القرار من الدكتور نصر الحريري والائتلاف هو قرار متسرع وغير مدروس جيداً وسيلقي بظلاله على علاقة الائتلاف بالحاضنة الثورية ويرسخ انفصاله عن الناس بشكل أعمق ويزيد من فقد الناس ثقتهم بمن يمثل الثورة سياسياً اليوم.
فيما اعتقدت “د. سميرة مبيض” عضو اللجنة الدستورية السورية عن كتلة المجتمع المدني في حديث خاص مع “وكالة زيتون”، أن اتخاذ قرار بتشكيل مفوضية الانتخابات من قبل الائتلاف يطرح تناقضات على المستوى السياسي والشعبي والقانوني.
وعلى الصعيد الشعبي، قالت المبيض، إن قرارات الائتلاف تمت بغياب اي تشاورات مع طيف واسع من التجمعات السياسية القائمة على أهداف الثورة ومنظمات المجتمع المدني والتي تشكل الرافعة الاجتماعية للحراك السوري المطالب بحقوق المواطنة والساعي لتحقيق أهداف الشعب السوري كما بدأت بها الثورة السورية وبعيداً عن التشوهات التي طالت مسارها وبعيداً بشكل خاص عن اي توجهات لتقاسم السلطة مع الأسد أو بين مختلف التيارات الإيديولوجية المهيمنة على المشهد المعارض.
وأما على المستوى السياسي، أوضحت المبيض، أنه جاء البيان مبهماً لا يحدد موقف الائتلاف من مشاركة من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري بمثل هذه الانتخابات وذلك امر لا يمكن تجاوزه ويتوجب رفضه دون أي التباس.
وعلى الصعيد القانوني، أشارت إلى أن البيان حصر التمثيل الشرعي للسوريين بالائتلاف وذلك بعيد عن واقع الحراك السوري المنضوي تحت راية الثورة والغير تابع لاي ارتهان وبعيد عن واقع وجود كيانات رسمية سياسية أخرى تعمل على مجمل الملفات السورية.
واعتقدت المبيض في ختام حديثها، أن المسار المستقبلي سيتطلب توجهاً مختلفاً يضع ثوابت التغيير الجذري المطلوب شعبياً في سوريا بما يتوافق مع الواقع السوري ويعمل على بناء عقد اجتماعي جديد تنتظم ضمنه التيارات والاجسام السياسية كجزء من الحراك السوري وليس كممثلين او وكلاء حصريين عن السوريين.
وأضافت أن ذلك تمهيداً لانتخابات تتوافق مع العقد الاجتماعي الجديد والتي لا يمكن أن تتم بترشح او بمشاركة مجرمي حرب ضمنها، وذلك يتطلب عمل جماعي بعيداً عن الاستقطابات الايديولوجية ولازالت المؤسسات الرسمية للمعارضة غير قادرة على تأمين هذه البيئة المحايدة.
وكان أصدر الائتلاف الوطني قرار يقضي بإنشاء المفوضية العليا للانتخابات وتقوم بأعمالها بعد تأمين البيئة الآمنة والمحايدة وتحت إشراف الأمم المتحدة وفقا لمقتضيات بيان جنيف رقم 1 والقرار الدولي رقم 2254 .
وعن أهداف المفوضية، قال الائتلاف في بيان قراره، أنها لتمكين قوى الثورة والمعارضة السورية من خلال ممثلها الشرعي، من المنافسة في أي انتخابات مستقبلية رئاسية وبرلمانية ومحلية، وتهيئة الشارع السوري لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي
ولفت الائتلاف إلى أن مهام المفوضية، وضع الخطط والاستراتيجيات وتنفيذها، والتحضير للمشاركة بالاستحقاقات السياسية المقبلة، بما في ذلك الاستفتاء على مشروع الدستور، ونشر الوعي بأهمية المشاركة الفاعلة في الاستحقاقات الوطنية.
وحول ذلك، أوضح رئيس الائتلاف الوطني “نصر الحريري” بتغريدة له على حسابه الرسمي في التويتر، أنه لا يمكن أن يكون هناك حل في سورية بوجود المجرم بشار الأسد وأعوانه، لافتاً أنه لا يمكن للائتلاف ولا للشعب السوري في أغلبه
المشاركة أو الاعتراف بانتخابات يشارك فيها هذا القاتل وتشكيل مفوضية الانتخابات يأتي ضمن جهود الاستعداد لتطبيق كل بنود بيان جنيف والقرار 2254 في مرحلة سورية ما بعد الأسد.