وكالة زيتون – محمد الصطوف – خاص
منذ تدخلها المباشر في سوريا عام 2012، إلى جانب نظام الأسد، لإخماد فتيل الحرية الذي أشعله السوريون في آذار 2011، سعت إيران عبر أذرعها وميليشياتها المتعددة، للتغلغل والسيطرة على معظم مفاصل الدولة السورية، السياسية والعسكرية والاقتصادية.
اليوم، أصبحت إيران متغلغلة داخل بنية النظام السوري، أكثر من أي وقت مضى، إذ تعتبر نفسها الحليف الاستراتيجي الأبرز لنظام الأسد، إذ كثفت دعمها للنظام عسكرياً ومالياً، عبر إرسال مقاتلين مرتزقة، وتقديم المشورة والمساعدة العسكرية والتدريب، إضافة للدعم المالي، لمواجهة العقوبات المفروضة على نظام الأسد.
محطة إيران الجديدة
تضع الميليشيات الإيرانية عينها على اللواء 21 ميكانيك، نظراً لأهميته الاستراتيجية وموقعه الجغرافي والعسكري، إذ تولي إيران وميليشياته المدعومة من قبله، أهمية كبرى بالنسبة وتسعى للسيطرة عليه، وخاصةً أنه يبعد عن أوتوستراد دمشق حمص 2كم فقط، وكونه يقع في منطقة القطيفة شمالي دمشق ويتبع للفرقة الثالثة في قوات الأسد، إلى جانب كونه محاط بسلسلة جبال تنتشر عليه هذه المليشيات خصوصا حزب الله، وتمتعه بتحصينات وتجهيزات هندسية عالية الكفاءة.
وحول مساعي وأهداف إيران وميليشياتها، من السيطرة على اللواء 21 ميكانيك التابع لقوات الأسد، يقول الصحفي والباحث المختص في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، لوكالة زيتون الإعلامية، إن “إيران اليوم باتت تسيطر على مستودعات الأسلحة السورية، ولا تحتاج لأي تفويض من قبل ما تبقى من جيش النظام السوري، وبوجه التحديد اللواء 21 ميكانيك والتابع للفرقة الثالثة”.
وأوضح مصطفى النعيمي أن اللواء 21، يتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة نظراً لأنه لا يبعد عن أوتوستراد حمص قرابة 2 كم، وموقعه بالقرب من مدينة القطيفة شمالي العاصمة دمشق، تمتعه بحماية من خلال إحاطته بسلسلة جبال وتحصينات وتجهيزات هندسية كبيرة.
كما أن سلسلة الجبال المحيطة به، تسيطر عليها ميليشيات حزب الله اللبناني والمقربة بشكل كبير من ميليشيات فيلق القدس الإيراني، الذي يعمل على وضع يديه على القطع العسكرية الإستراتيجية ومستودعات السلاح، وهذا ما حصل عندما انسحبت ميليشيات “فاغنر” الروسية من مستودعات مهين شرقي حمص والتي تعتبر ثاني أهم مستودعات لتخزين الأسلحة تعتمد عليها قوات النظام السوري.
ويؤكد محدثنا أن توزع السيطرة على اللواء 21 ميكانيك، مختلطة، إذ أنها تتكون من مجموعات من الميليشيات الولائية متعددة الجنسيات، وكلها تعمل تحت خدمة المشروع الإيراني في سوريا.
وتابع النعيمي قائلا: إنها “تتكون من قوات النظام السوري الموالية لإيران، إصافة إلى ميليشيا فيلق القدس الإيراني الذراع العسكري للحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، والحشد الشعبي العراقي، وبعض الميليشيات الأفغانية”.
وحول الهدف الإيراني من السيطرة على اللواء 21 ميكانيك، حدد الصحفي والباحث المختص، ثلاثة نقاط، كانت سبباً في اختيار إيران للواء 21 وهي:
1- الموقع الجغرافي للواء: فهو يقع على أوتوستراد دمشق حمص ويتحكم بطرق الإمداد العسكرية القادمة من الحدود العراقية تجاه الميلشيات المنتشرة في سوريا ولبنان.
2- هنالك أهمية استراتيجية للواء: أهمها التحصينات الطبيعية التي تعزز من قدرة المقاتلين على التخفي والانسحاب حال وجود تهديد، من خلال التحصينات والأنفاق التي أنشأت مؤخرا وقربه من قيادة الفيلق الخامس بالقطيفة والذي تسيطر عليه الميلشيات الإيرانية.
3- يحوي اللواء على وحدة حرب إلكترونية للنظام السوري من طراز “VEGA” روسية الصنع، والمختصة في عمليات الإنذار المبكر والتشويش الرادارى، إضافة إلى منصات وصواريخ بالستية إيرانية الصنع من طرازات، “رعد” و”زينب”، ومستودعات صواريخ “C803” صينية المنشأ، وصواريخ مضادة للدروع من فئة “ميتس” و”كورنيت”، ومدافع رشاشة عيار 122 مم.
تغلغل إيراني في العمق.. “ماضية حتى ما بعد حقبة الأسد”
منذ تدخلها المباشر في سوريا عام 2012، ودعمها اللامحدود لنظام الأسد، باتت إيران تتحكم بمفاصل الدولة، وأصبحت الإرادة السورية في اتخاذ القرارات خارج نطاق القدرة السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية، وصولاً إلى التحكم في القرارات الدينية، وفقاً لما قاله الصحفي والباحث مصطفى النعيمي.
وأضاف أن إيران باتت تتحكم بشكل شبه مطلق في القرار السيادي السوري، من خلال سيطرتها على العديد من القواعد العسكرية، والنفوذ اللامحدود في تشكيلات جيش النظام السوري.
وأوضح أن إيران باتت اليوم تسيطر على الفرقة الثالثة والرابعة والخامسة في جيش نظام الأسد، وأبقت على وجود مؤسسات الأسد كغطاء لمنحها الشرعية في التحرك، مشيراً إلى أنها مستمرة في مشروعها رغم الضربات الإسرائيلية المتكررة لأماكن تمركز الميليشيات والقوات الإيرانية، في المنطقة الجنوبية عموماً ومحافظة القنيطرة بشكل خاص، وذلك ما بعد إجراء التسويات في صيف عام
2018، والتي بموجبها تم حل الجبهة الجنوبية، وتبع ذلك سيطرة شبه مطلقة على القطاعات العسكرية للنظام.
وتابع: أنه “ورغم التحذيرات الإسرائيلية المستمرة، إلا أن إيران ماضية في محاولة بناء ركائز التواجد، حتى لما بعد حقبة الأسد، وبرغم التحذيرات الإسرائيلية وإلقاء المنشورات الورقية عبر المسيرات والمروحيات الإسرائيلية، إلا أن تلك الخطوات لم تحدّ من التقدم الإيراني في السيطرة على مناطق متقدمة مع الشريط المحاذي لمنطقة الجولان المحتلة، على الرغم من التفاهمات التي أبرمت ما بين مدراء الأمن القومي لـ” أمريكا وروسيا وإسرائيل” والتي تعهدت بموجبها روسيا بإبعاد ميليشيا إيران عن المنطقة الجنوبية بعمق 40 كم إلا أن إيران لم تلتزم بذلك”.
وبالمقابل فإن سلاح الجو الإسرائيلي لم يتوانى عن استهداف تموضع الميليشيات الإيرانية المتغير في المنطقة الجنوبية، واستهداف شحنات الأسلحة التي تصلها عبر مطار دمشق الدولي والطريق البري الرابط بين طهران ودمشق، وفقاً للباحث.
ويرى “النعيمي” أن كل تلك العمليات الجوية والاستهدافات الإسرائيلية بعيدة المدى، لم ترقى إلى معالجة حجم الانتشار المستمر لميليشيات طهران في سوريا، مشيراً إلى أن تلك الاستهدافات تندرج ضمن إطار عمليات جراحية لمعاقبة الميليشيات وليس إخراجها من سوريا، وتعتمد على عملياتها على تكتيك جز العشب، والتي تحقق من خلالها منع القدرات الصاروخية التكتيكية والإستراتيجية الإيرانية من تهديد أمن إسرائيل.
وبحسب الباحث فإن ميليشيات فيلق القدس، تعمل منذ العام 2015، على استبعاد القيادات العسكرية السوري عن اتخاذ القرار، وتعزز من قدراتها العسكرية، بعد أن أرسل الحرس الثوري الإيراني خبراء حفر الأنفاق، وأنشأ مجموعة تجهيزات هندسية داخله، من خلال حفر الأنفاق وتدشيم مداخل الأنفاق والمستودعات، وإنشاء مركز بحوث مصغر وزود بمجموعة من السلاح والعتاد الخاص لتأمين الحماية للواء.