تركيا - غازي عنتاب

أسعار المياه بريف حلب تفوق قدرة الأهالي.. مدنيون يروون لـ”زيتون” معاناتهم

مياه

وكالة زيتون – خاص – أحمد الحمصي

ارتفعت أسعار المياه بشكل كبير خلال الفترة الماضية في منطقة ريف حلب الشمالي، ما شكل أزمة جديدة لدى المدنيين، وخاصة المهجرين والنازحين، الذين يعانون أصلاً في تأمين الاحتياجات الأساسية واللوازم الحياتية لا سيما للأطفال.

وأكدت مصادر محلية لوكالة زيتون الإعلامية أن سعر صهريج المياه في ريف حلب الشمالي، وتحديداً في مدينة أعزاز بلغ 60 ليرة تركية، وهو مبلغ يحتاج العامل للعمل يومين لجمعه.

قصة ضخ المياه في المدينة

في منتصف عام 2021 بدأت شركة المياه في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي بضح المياه إلى المدينة من بحيرة ميدانكي في عفرين، مقابل تحصيل جباية من المدنيين بشكل شهري لقاء توصيل المياه إلى منازلهم.

واجه المجلس المحلي في مدينة أعزاز صعوبة كبيرة في تحصيل الجباية التي تبلغ نحو 50 ليرة تركية، بسبب رفض الكثير من المدنيين لدفع المبلغ، وتهرب آخرين من الموضوع.

ربط المجلس المحلي بعد ذلك دفع الجباية عن طريق شركة الكهرباء في المدينة، حيث بدأت الشركة برفض تعبئة الكهرباء لأي شخص متخلف عن دفع جباية المياه، وهي سياسة لم تستمر من قبل الشركة لأنها غير مناسبة في تحصيل المبالغ.

وأعلنت مؤسسة المياه في مدينة أعزاز قبل أيام عن قطع المياه عن الأحياء التي بلغت نسبة الجباية فيها أقل من 5 في المئة، وهو ما رفع من ثمن المياه التي تباع من قبل الصهاريج.

وأطلق مجموعة من الأهالي والناشطين وسم #الجباية_واجب_والمياه_حق للمطالبة بإعادة ضخّ المياه لمدينة أعزاز بعد توقفها بسبب عدم التزام آلاف المستفيدين بدفع الجباية الشهرية.

ارتفاع كبير في الأسعار وشكاوى من المدنيين

أدى هذا الإجراء إلى ارتفاع سعر صهريج المياه إلى 60 ليرة تركية، وقال أبو عبدو الذي يملك صهريجاً لبيع المياه، في تصريح خاص لوكالة زيتون الإعلامية، إن سعر المياه ارتفع بسبب غلاء سعر الكهرباء وزيادة التكلفة، إضافة لغلاء سعر المازوت.

وقال أبو مروان، الذي يعيش في مدينة أعزاز بريف حلب، إنه يعاني بشكل كبير في تأمين ثمن المياه، خاصة أنه يتقاضي مبلغ 40 ليرة تركية لقاء عمله في بيع الخضار، لذلك لجأ إلى تقنين استخدام المياه بشكل كبير في منزله.

وأضاف أبو مروان في تصريح لوكالة زيتون الإعلامية، أن المياه حاجة أساسية في حياة الإنسان، ويجب العمل على توفيرها بسعر مقبول من قبل المجالس المحلية والمنظمات الإنسانية والأمم المتحدة.

أما الشاب عدي الحلبي، فقد قال إن أغلب مصاريفه أصبحت تذهب لصالح شراء المياه، مؤكداً في حديث مع وكالة زيتون الإعلامية أن هذا الأمر أتعب الكثير من السكان، وخاصة أصحاب الدخل المحدود.

ودعا الحلبي، المجلس المحلي إلى إعادة ضخ المياه، كما حث المتخلفين عن دفع الجباية، لدفعها لكي لا يتسببوا بالضرر للجميع.

تحذيرات أممية

في وقت سابق حذرت الأمم المتحدة من تضرر خمسة ملايين شخص من أزمة المياه المستمرة في شمالي وشمال شرقي سوريا، داعية إلى استجابة متعددة القطاعات، بقيمة 251 مليون دولار لمساعدة 3.4 مليون من الأشخاص الأكثر تأثراً.

وشدد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، على أنه لم يتمكن الناس عبر الأجزاء الشمالية من سوريا من الوصول إلى مياه آمنة وكافية على نحو موثوق به بسبب انخفاض مستويات المياه وتعطل أنظمتها، والقدرة التشغيلية المنخفضة أصلاً لمحطات المياه، مضيفاً أن نقص مياه الشرب الآمنة سيؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، ويقلل من خط الدفاع الأول الحاسم لوقف جائحة فيروس كورونا، كما أنه سيؤدي إلى نقص الكهرباء.

المسؤول الأممي قال، إن نقص المياه سيزيد من إجهاد الصحة العامة ونظام التعليم، ويؤثر بشكل غير متناسب على الصحة العامة والإنجابية للنساء والفتيات.

وحددت الأمم المتحدة ضرورة وجود استجابة متعددة القطاعات بقيمة 251 مليون دولار أمريكي، إلا أنه لم يتم تسلّم سوى 51 مليون دولار فقط.

وكذلك حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن محدودية الوصول إلى المياه النظيفة في شمالي سوريا تفاقم انتشار الأمراض كما تعيق إجراءات النظافة الأساسية، محذرة أن الناس يواجهون “وضعاً مزرياً في شمال سوريا، حيث وصلت محدوديّة الوصول إلى المياه النظيفة خلال الأشهر القليلة الماضية إلى مستويات خطيرة”.

وأضاف مسؤول التوعية الصحيّة في المنظمة في شمال غربي سوريا إبراهيم مغلاج: “نواجه بانتظام الآثار الصحيّة الناجمة عن نوعية المياه الرديئة، والتي غالباً ما تجلب الأمراض المنقولة بالمياه وغيرها من المشكلات الصحيّة إلى المخيمات، مثل الإسهال والتهاب الكبد والقوباء والجرب والعديد من الأمراض الأخرى”.

وتشكل أنشطة تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحيّة حالياً أربعة في المئة فقط من ميزانيّة الاستجابة الإنسانيّة بكاملها في جميع أرجاء سوريا، وهو أقل من ثلث ما تمّ إنفاقه عام 2020 على الأنشطة ذاتها.

مشكلة قديمة متجددة

في منتصف العام الماضي أطلق ناشطون في مدينة الباب بريف حلب الشرقي وسم، الباب عطشى، مؤكدين أن الأهالي مدينة الباب يشربون مياه الآبار والتي غالباً ما تكون غير صالحة للشرب وتسبّب أمراضاً كثيرة، خاصة للأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة.

وناشد الأهالي جميع الجهات المسؤولة المحلية والدولية خاصة تركيا لإيجاد حل لأزمة المياه في الباب، قبل حدوث كارثة إنسانية كبيرة في المنطقة، كما دعوا الأمم المتحدة للوقوف عند مسؤوليتاها الإنسانية والأخلاقية لإجبار نظام الأسد على إعادة ضخ المياه إلى مدينة الباب عبر محطة “عين البيضا”، أو العمل على تأمين بديل مناسب ودائم وبالسرعة القصوى.

واقترح السكان إنشاء خط من نهر الفرات في جرابلس، أو استجرار المياه من بحيرات السدود التركية التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن الحدود السورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا