تركيا - غازي عنتاب

“المنطقة الآمنة”.. هل تلبي احتياجات السوريين من الأمن والاستقرار؟

وكالة زيتون – خاص
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم أمس الإثنين، أن بلاده ستشرع قريباً في استكمال المنطقة الآمنة على الحدود الجنوبية مع سوريا، وستبدأ باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأتها لإنشاء هذه المناطق على عمق 30 كيلومتراً، على طول الحدود.

وأكد أن “العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن، وسنتخذ قراراتنا بهذا الخصوص خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الخميس”، مضيفاً أنه سيقوم بإجراء المحادثات اللازمة لضمان سير الأمور على ما يرام.

المنطقة الآمنة

طرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر من عام 2019 فكرة إنشاء منطقة أمنية على طول الحدود مع سوريا وبعمق 32 كيلو متراً.

وطلب الرئيس من الدول الحليفة لبلاده والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص بالمساهمة في إقامة هذه المنطقة لتوطين مليوني لاجئ سوري فيها.

وتعهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدراسة المقترح الذي قدمه الرئيس التركي، دون إبداء أي موافقة او اعتراض عليه رغم مضي أكثر من عامين على طرحه، فيما التزمت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي الصمت تجاهها.

خطوات منفردة

نفذت تركيا الوعود التي قطعها مسؤولوها بإقامة منطقة آمنة بشكل منفرد دون الالتفات إلى موقف باقي الدول، حيث شنت القوات التركية ثلاث عمليات عسكرية في منطقة شمال شرقي سوريا، بدأتها بعملية درع الفرات ضد داعش، ومن ثم غصن الزيتون ونبع السلام ضد قسد.

ولاقت عمليات غصن الزيتون ونبع السلام معارضة شديدة من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية، كونها تستهدف قسد التي تعتبرها تلك الدول شريك في محاربة الإرهاب.

كما أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية فرضت عقوبات على تركيا على خلفية عملية نبع السلام والتي استهدفت مواقع قسد في منطقة رأس العين بريف الحسكة الشمالي وتل أبيض بريف الرقة الشمالي.

إمكانية التنفيذ

أشار العميد أحمد رحال إلى أن “الدول دائماً تقتنص الفرص، وتركيا منذ حوالي أربع سنوات تطالب بمنطقة آمنة لتخفيف هجرة السوريين نحوها ونحو الاتحاد الأوروبي، بحيث تكون آمنة لا تتعرض للقصف من قبل نظام الأسد وروسيا ولا الميليشيات الإيرانية وقسد”.

ولفت في تصريح خاص لوكالة زيتون الإعلامية إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية لم توافق على ذلك الطلب، بذريعة أن هذه العملية تحتاج إلى آلية مراقبة وتنفيذ وقرار من مجلس الأمن الدولي، وهو غير ممكن بسبب الفيتو الروسي”.

اليوم تركيا لديها بعض أوراق الضغط كالفيتو على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي الناتو، والموقف من الغزو الروسي لأوكرانيا، وورقة الإرهاب بعد تعرض حدودها الجنوبية لعمليات قصف مثلما حصل في قرقميش.

أيضاً اليوم هناك موسم انتخابات في تركيا وكثير من التصرحيات تذهب في منحى انتخابي استقطاب الناس أكثر من أن تذهب باتجاه التنفيذ، وفقاً لرحال.

وحول قدرة تركيا على تنفيذ العملية كما صرح أردوغان، قال رحال إن أي أعمال عسكرية يجب أن تحظى بموافقة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية أو إحداهما في مناطق نفوذها.

فمثلاً إذا أرادت تركيا تنفيذ عملية عسكرية في منغ وتل رفعت فهي بحاجة إلى موافقة روسية، وإذا أرادت تنفيذ العملية شرق الفرات وفي محيط منطقة نبع السلام فهي بحاجة إلى موافقة أمريكية، وموافقة روسية أمريكية مشتركة في منبج.

ويضيف رحال: “اليوم أرى أن روسيا لا يمكن أن تقدم أي تنازل، وكذلك الولايات المتحدة لا يمكن أن تعطي ضوء أخضر رغم أهمية تركيا لواشنطن، وبالتالي أنا أضع هذه التصريحات في سياق الاستقطاب الشعبي والتهديد لقطف ثمار في مناطق أخرى، أو في عملية محدودة”.

منطقة آمنة ولكن!

تقول تركيا إن عملياتها في سوريا هدفها في المقام الأول الحفاظ على أمنها القومي، وتوفير الأمن لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بشكل خاص المقيمين فيها والذين يتجاوز عددهم ثلاثة ملايين و700 ألف لاجئ

وبالرغم من تلك العمليات إلا أن أعداد اللاجئين السوريين في تركيا ودول الجوار عموماً لم ينخفض إلى المستوى المأمول، ويعود ذلك إلى عدة أسباب أبرزها غياب الأمن مع استمرار تهديدات قسد ونظام الأسد وكذلك تنظيم داعش.

فالمناطق التي تم تحريرها خلال تلك العمليات تتعرض باستمرار لهجمات بواسطة العبوات الناسفة والسيارات والدراجات النارية المفخخة، إضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي وحتى الغارات الجوية الروسية كما حدث في عفرين قبل أيام.

يضاف إلى ذلك قلة فرص العمل والوضع الإنساني المتدهور، ووجود أكثر من خمسة ملايين لاجئ في منطقة شمال غربي سوريا بعد تعرض سكان أكثر من نصف المحافظات للتهجير على يد نظام الأسد وروسيا.

في المقابل، شهدت تلك المناطق نهضة ملحوظة من ناحية الخدمات والتعليم والصحة حيث تم تغذيتها بالتيار الكهربائي وتوفير المياه فيها وافتتاح عدد من الجامعات والمعاهد والمدارس ودور العبادة، إضافة إلى بناء المشافي والمراكز الصحية.

جدير بالذكر أن موعد شروع تركيا في تنفيذ هذه الخطوة ما زال غير معلوماً ويرتبط بشكل أساسي بالتفاهمات الدولية والتوافقات مع الأطراف الفاعلة في سوريا وتحديداً روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا