وكالة زيتون – خاص
يعاني قاطنو مخيم الهول من انتهاكات كبيرة على يد عناصر ميليشيا قسد التي حولت المخيم إلى سجن كبير مليء بالفوضى وعمليات القتل اليومية.
ويضم المخيم أكثر من 60 ألف نازح ولاجئ، بينهم 31 ألف عراقي، و20 ألف سوري، والبقية من جنسيات أجنبية مختلفة، من عوائل عناصر تنظيم “داعش”.
وسبق أن وجه مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، انتقاداً رسمياً لميليشيا “قسد”، مؤكداً أنها غير مؤهلة للسيطرة على السجون التي تحتجز بداخلها عناصر من تنظيم داعش في مناطق شمال شرقي سوريا.
وقال الأعرجي في تصريح للتلفزيون العراقي: “هناك إرهابيون تابعون لأكثر من 50 إلى 70 دولة موجودون في سجن الحسكة بسوريا، والعراق طالب دولهم بوجوب سحبهم ومحاكمتهم، لأنهم يشكلون خطراً على العراق، لكن تلك الدول لم تستجب خوفاً على أمنها”.
كما أشار إلى أن مخيم الهول، شمالي سوريا، يشكل تهديداً حقيقياً للعراق، مشيراً إلى أن بغداد استقبلت 450 عائلة من مخيم الهول وبدأت بتأهيلهم نفسياً تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأضاف: “هناك قيادات لداعش داخل سجون الحسكة والصناعة وغيرها وعددهم 10 آلاف من القيادات الداعشية المجرمة، لكن عوائلهم وبعض كبار السن موجودون في مخيم الهول وهناك نساء داعشيات موجودات في المخيم لا تقل إجراماً عن الإرهابيين”.
وذكر الناطق باسم شبكة عين الفرات أمجد الساري، في تصريح لوكالة زيتون الإعلامية، أنه بدأت تظهر مشاكل جديدة في مخيم الهول، حيث يعاني أطفال مخيم الهول الخاضع لسيطرة “قسد”، من فقدان مادة حليب الأطفال، نتيجة امتناع التجار عن إرسال بضائعهم نحو المخيم، منذ مطلع الشهر الجاري، ما تسبب بنقص بالمواد التموينية وأغذية الأطفال.
وأضاف أن التجار امتنعوا عن إرسال الشاحنات المحملة بالبضائع إلى مخيم الهول بسبب التدقيق الأمني المكثف من قبل قوات “قسد”، والمساءلة الأمنية للتجار والسائقين عند التعامل مع محال المخيم.
وشدد على أن ذلك تسبب بفقدان مادة حليب الأطفال بشكل كامل من المخيم، وارتفاع في أسعار المغذيات (السيليلك) حيث وصل سعر العلبة الواحدة إلى 7500 ل.س، بالإضافة لنفاد كميات الحفاضات لحديثي الولادة.
واحتجزت ميليشيا “قسد” سيارات التجار المحملة بالبضائع، وذلك عند وصولها إلى باب المخيم بذريعة مخالفة قرارات الأمن الداخلي والإدارة الذاتية.
وكانت المواطنة ( ن ح)، وهي إحدى الخارجات من المخيم، من أصول سورية، قد قالت لـ “وكالة زيتون الإعلامية” إنها عاشت في مدينة الرقة طول حياتها برفقة زوجها وأولادها الصغار، إلى أن ضاق الخناق على مدينة الرقة، بظل الحملة العسكرية التي شنتها قوات قسد مدعومة بالتحالف الدولي.
وأضافت أنها كانت ضحية التنظيم الذي استخدمها هي وزوجها وأولادها الأربعة كدروع بشرية.
وأوضحت أن الفاتورة الأكبر عليها وعلى أولادها، هي وفاة الزوج بطلق ناري من قبل قوات داعش، إلى أن وصلت مع أولادها إلى بلدة الباغوز ومن ثم مخيم الهول الذي كان الأصعب حسب وصفها.
وأشارت إلى وقوع عشرات حالات التحرش الجنسي واللفظي بحق معظم النساء داخل المخيم من قبل عناصر ميليشيا قسد.
وبحسب مركز جسور للدراسات، يشكل مخيّم الهول الحاضنة الأهم لأبناء عناصر تنظيم داعش وقادته المستقبليّين، كما أنه يضمّ أوسع مجتمع من المتأثّرين بفكره في مكان واحد، وهو ما لم يحصل في أوج قوة التنظيم.
ويضم المخيّم حوالي 40,000 طفل، وهم ثلثا قاطني المخيم، معظمهم يتيم الأب، أو يتيم الأبوين، كما أن معظمهم ولد أو نشأ في مناطق سيطرة التنظيم، وتعرّض بدرجات مختلفة لفكره وسياساته قبل أن يدخل إلى المخيم، حيث أصبح يتلقى جرعات مكثّفة من هذه الأيديولوجيا، وفي ظروف لا يمكن أن تتوفر للتنظيم في أي مكان آخر في العالم.
وأضاف: “تُسجّل بشكل دوري عمليات فرار من المخيم لعناصر مرتبطة بتنظيم داعش، حيث تتم هذه العمليات نتيجة للفساد المستشري في داخل المنظومة الأمنية المسؤولة عن حراسة وإدارة المخيم، حيث يقوم عناصر من هذه المنظومة بتهريب القاطنين في المخيم مقابل مبالغ كبيرة”، كما “يُمثّل القاطنون في المخيم مشكلة سياسية وقانونية للدول التي ينتمون إليها، وهي تُقدّر بحوالي 60 دولة، نظراً لأن السماح بعودتهم يعني نقل المخاطر الأمنية إلى هذه الدول، والدخول في متاهات قانونية للتعامل مع الأطفال الذين لا يملكون أية أوراق ثبوتية، إلى غير ذلك من المشاكل”.
وكشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تعرض سكان مخيم الهول لعدد من الانتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الحياة، التنقل، الصحة، التعليم، وغيرها، وإن ما لا يقل عن 53 مدنياً، بينهم 25 طفلاً و11 سيدة قتلوا في مخيم الهول منذ إعادة تفعيله في نيسان/ 2016 حتى 28/ تشرين الأول/ 2020.
وقتلت ميليشيا قسد 18 منهم، بينهم 14 طفلاً، فيما قتل 35 بينهم 11 طفلاً و11 سيدة على يد جهات لم يتمكن التقرير من تحديدها.
وتحدث التقرير عن الظروف اللاإنسانية التي يتعرض لها قاطنوا المخيم، حيث أنَّ معظم الخيام مبنية باستخدام نوع رديء من البلاستيك، عدا عن أنها غير فعالة في الظروف المناخية القاسية التي تمتاز بها المنطقة، وهي قابلة للاشتعال أيضاً، وقد تسببت الحرائق في مقتل ما لا يقل عن 9 مدنيين، بينهم 4 أطفال و1 سيدة منذ نيسان/ 2016 حتى 28/ تشرين الأول/ 2020.
ويعاني المخيم من نقص حاد في كمية المواد الغذائية وخلل في توفير مياه الشرب، وفي الصرف الصحي، إضافة إلى نقص الرعاية الطبية، وقد تسبَّب نقص الغذاء والرعاية الطبية بـ 7 وفيات بين صفوف الأطفال منذ نيسان/ 2016 حتى 28/ تشرين الأول/ 2020.
ويحوي المخيم قرابة اثنا عشر مركزاً تعليمياً للأطفال بمختلف الأعمار، ووصفها التقرير بالقليلة جداً مقارنة بعدد الأطفال في المخيم، الذين تجاوز عددهم الأربعين ألف طفل، بعضهم يتيم الأب أو الأم، أو فاقد لكليهما.