وكالة زيتون – خاص
أصبحت عمالة الأطفال في المناطق المحررة شمال غربي سوريا من أكثر المشاكل انتشاراً خلال السنوات الماضية خاصة بعد تهجير معظم سكان سوريا إلى المنطقة، حيث أدى ذلك إلى تسرب الأطفال من المدارس.
ورصدت وكالة زيتون الإعلامية عدداً من الأطفال يعملون في مهن شاقّة في الشمال السوري دون أن يتلقوا التعليم، بسبب عدم وجود معيل لهم.
أم أسامة المهجرة من ريف حمص الشمالي رفقة أطفالها وتعيش في شمارين بريف حلب الشمالي قالت لوكالة زيتون الإعلامية إنها اضطرت لإرسال ابنها أسامة البالغ من العمر 12 عاماً للعمل في ورشة حدادة بمدينة أعزاز كونه المعيل الوحيد لها بعد استشهاد زوجها في معارك ريف حمص عام 2017.
قالت أم أسامة: “خرجنا من ريف حمص الشمالي إلى المناطق المحررة في عام 2018 وأتينا إلى منطقة لا نعرف فيها أحد، لأننا خفنا على أنفسنا من الانتقام وقتل أطفالي لأن والدهم كان من الثوار المعروفين”.
وأضافت: “بعد وصولنا إلى المنطقة بدأنا تلقي مساعدات من المنظمات الإنسانية، لكن هذه المساعدات بدأت تتناقص بشكل كبير، وبدأ الوضع يزداد صعوبة، ما دفعني لإرسال ابني لتعلم مهنة نأكل منها”.
وأشارت إلى أنها حزينة بشكل كبير على طفلها لأنه حمل هموماً أكبر من سنه، وأصبح مجبوراً على العمل بمهنة شاقة بدلاً من أن يكون في مقاعد الدراسة بين الأطفال.
ودعت أم أسامة إلى تشكيل فرق خاصة بإنقاذ الأطفال من هذا الخطر، من خلال كفالة العوائل المحتاجة وإعادة الأطفال إلى المدارس عبر تأمين كفالات لهم.
أسباب وحلول
قال همام عثمان وهو مدير روضة أطفال، ومنسق حماية الطفل، إن من أهم أسباب عمالة الأطفال ضعف الواقع المعيشي للأهالي، لذلك يضطر الأب أو الأم التي ليس لها معيل لإرسال الطفل إلى العمل لتأمين الاحتياجات الأساسية للمنزل، من مأكل ومشرب أو إيجار المنزل.
وأضاف عثمان في تصريح لوكالة زيتون الإعلامية أن السبب الثاني هو الجهل، حيث إنه في فترة انتشار تنظيم “داعش” عمل بعض الأشخاص على إبعاد أطفالهم عن المدارس تجنباً لتلقيهم أفكار غريبة، وهذا شكل فجوة كبيرة بين الأطفال والتنظيم.
وذكر أنه حتى بعض الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس، يمكن أن نجدهم في الأسواق بعد الدوام يبيعون البسكويت أو الجوارب، وهذا يعود سلباً على الأطفال ويؤثر على تعليمهم.
وأوضح أن الحل هو إسقاط نظام الأسد وعودة المدنيين إلى أرضهم وأعمالهم، وحينها سينتهي 70 بالمئة من عمالة الأطفال، أو يمكن أن تخف هذه الظاهرة من خلال فتح مشاريع صناعية وتجارية.
وقبل أشهر أصبح أكثر من 40 ألف طفل سوري خارج المنظومة التعليمية، ويعود السبب المباشر لذلك إلى قطع المساعدات البريطانية، حيث انخفض حجم التمويل البريطاني المخصص لـ133 مدرسة تديرها منظمة سيريا ريليف في 30 من نيسان، بعدما خفضت الحكومة البريطانية إجمالي الأموال التي تصرفها خارج حدود البلاد من 0.7% إلى 0.5% من إجمالي الدخل القومي لبريطانيا.
وقالت جيسيكا آدامز رئيسة قسم التواصل لدى منظمة سيريا ريليف والمنظمة الأم آكشن فور هيومانيتي: “في حال عدم تأمين تمويل لسد الفراغات التي خلفتها الحكومة البريطانية وغيرها من الداعمين، عندها سيصبح جيل كامل من الأطفال في الشمال السوري خارج المنظومة التعليمية، وهذا بدوره سيؤدي إلى ارتفاع مباشر تقريباً في نسب عمالة وزواج الأطفال، والحمل في سن مبكرة، وتجنيد الأطفال، واستغلال الأطفال والاتجار بهم.. ولهذا نأمل، نحن والأطفال وذووهم والمعلمون في سوريا، أن يتم التراجع عن هذا الخيار السياسي”.
وأشار فريق منسقو استجابة سوريا إلى أن عمالة الأطفال تشكل الهاجس الأكبر ضمن مخيمات النازحين ، حيث يتجاوز عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية (14 – 17 عام) نسبة 33% من إجمالي الأطفال الموجودين في مخيمات النازحين.
وقال الدفاع المدني السوري: “تشكل ظاهرة عمالة الأطفال خطراً كبيراً على مستقبل الطفولة في سوريا، فهي تؤثر بشكل كبير على صحتهم بالدرجة الأولى وتحرمهم من التعلم وبناء مستقبل أفضل لهم”.
وضرب الدفاع المدني مثالاً على ذلك، حيث قال إن الطفل خليل، يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، رغم صغر سنه إلا أنه يعمل في محل للحلويات في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، تعرض لبترٍ في الإصبع الوسطى من يده إثر إصابته بأداة حادة أثناء عمله.