تركيا - غازي عنتاب

“زيتون” ترصد تداعيات الأزمة الأوكرانية على سوريا

وكالة زيتون – تقرير خاص
بدأت القضية السورية ترتبط بالأزمة الأوكرانية بشكل واضح، بعد الغزو الروسي الذي بدأ على أوكرانيا في شهر شباط الماضي، وتعثر الروس في التقدم، ما أدى لتراجع اهتمام موسكو بسوريا جزئياً.

وانعكست الأزمة الأوكرانية بشكل كبير على نشاط الروس في سوريا، حيث تم سحب وحدات قتالية، ما أفسح المجال لإيران لزيادة نفوذها، ولإسرائيل لتكثيف قصفها.

وأعرب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، عن خشيته من انعكاس الصراع الدائر في أوكرانيا على العملية السياسية في سوريا، مضيفاً أن الدبلوماسية الدولية البنّاءة المطلوبة لدفع العملية السياسية في سوريا قد تكون أكثر صعوبة مما كانت عليه بالفعل، على خلفية العمليات العسكرية في أوكرانيا.

وكالة زيتون الإعلامية، رصدت تقريراً لمركز الحوار السوري، ذكر فيه أن المشهد السوري يمثل حالياً ساحة خلفية للمناورات والضغط من قبل الفاعلين المؤثرين في الملفَّين الأوكراني والسوري.

وإن استمرار الاستنزاف العسكري والاقتصادي لروسيا في أوكرانيا قد يفتح الباب أمام توازنات جديدة في سوريا إذا استطاعت الأطراف الأخرى استغلال هذه الفرصة وتحقيق اختراقات محدودة، سواءٌ عن طريق عقد التفاهمات أو فرضها بالقوة.

وحول أثر الحرب على التنسيق الروسي التركي في سوريا، يمكن القول إن تركيا وجدت نفسها منذ اليوم الأول للحرب في موقف صعب يتطلب منها إبداء قدرٍ عالٍ من التوزان والانضباط في المواقف والتصريحات، وقد استطاعت أن تنجح في ذلك إلى حد كبير؛ مما جعلها تنتقل من خانة تجنُّب غضب أحد الطرفين الروسي أو الغربي إلى خانة استثمار الفرصة لتحقيق بعض المكاسب الجزئية في الملف السوري وفي ملفات أخرى.

تركيا كثّفت في الشهرين الماضيين من وتيرة استهدافها نقاط قسد وقياديّيها في مناطق شمال شرق سوريا، وشملت الاستهدافات مناطق مثل تل تمر وعين عيسى، ورغم أن هذا النوع من الضربات كانت تركيا قد لجأت إليه في وقت متأخر من العام الماضي؛ إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية والموقف التركي منها شكّلا فيما يبدو عاملاً مهماً في انتزاع تغاضٍ روسي عن زيادة وتيرة هذه العمليات.

وأثرت الحرب الأوكرانية على التنسيق الروسي الإسرائيلي في سوريا وهجمات الأخيرة ضد النفوذ الإيراني، حيث شهدت الفترات الأولى من الحرب الروسية في أوكرانيا معركة عضّ أصابع بين روسيا وإسرائيل، فقد سعت موسكو إلى ثني إسرائيل عن الوقوف إلى جانب أوكرانيا بشكل كامل، من خلال ابتزازها بالتنسيق الجوي القائم بينهما في الأجواء السورية، الأمر الذي تجاوبت معه إسرائيل في بداية الأمر، فاكتفت بإدانة الغزو على مضض ورفضت الاشتراك في حملة العقوبات الاقتصادية ضد موسكو، واستقبلت كذلك عدداً من رؤوس الأموال الروس الفارّين من العقوبات، مما جرّ على إسرائيل توتراً في العلاقة مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.

وأضاف المركز: “من جهة أخرى استغلت إسرائيل بشكل كبير موقفها هذا بالاستمرار في استهداف نقاط الميلشيات الإيرانية في مختلف المناطق السورية؛ إلا أنها لم تستطع الحفاظ على موقف الحياد الكامل، وبالتالي نيل الرضى الروسي الكامل عن موقفها من الحرب الروسية في أوكرانيا؛ مما هدّد استمرار التنسيق الجوي في سماء سوريا بين الطرفين”.

ولعل نقل القنوات الإعلامية الروسية أنباء الضربات الإسرائيلة في سوريا ووصفها بأنها عدوان والحديث عن تصدّي القوات السورية لها يمثّل رسالة إلى إسرائيل، مفادها أن موسكو تطلب منها المزيد من المواقف في الحرب على أوكرانيا حتى يستمر التنسيق معها في سوريا، كما أن الأنباء التي تتحدث عن إخلاء بعض المواقع الروسية لصالح الميلشيات الإيرانية يُعد كذلك مؤشراً على تراجع هذا التنسيق ومروره بمرحلة صعبة، قد يصل إلى حد السماح لقوات النظام باستخدام أنظمة S-300 ضد الطائرات الإسرائيلية، وهو أمر نقلت حدوثه بعض وسائل الإعلام إلا أن الجانب الروسي نفى ذلك.

وبشكل عام أعادت الحرب الروسية في أوكرانيا سوريا مجدداً إلى واجهة الأحداث والاهتمام؛ إلا أن هذا الاهتمام لم يتعدَّ حتى الآن دائرة عقد الموافقات والمفارقات بين الحرب الروسية في أوكرانيا والتدخل العسكري الروسي في سوريا، من حيث توحش آلة الحرب الروسية ضد المدنيين، و”خرطوم الأباطيل” الذي تبثه ماكينة الدعاية الروسية في الملفَّين، وتسليط الضوء على الخطأ الاستراتيجي الذي قام به المجتمع الدولي المتمثل بالسكوت عن الجرائم والانتهاكات الروسية في سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا