وكالة زيتون – تقرير خاص
أثارت فكرة العاهل الأردني عبد الله الثاني حول إنشاء حلف “ناتو” عربي في منطقة الشرق الأوسط يكون على غرار حلف شمال الأطلسي، التساؤلات عن طبيعة هذا الحلف، والأطراف المشاركة فيه، وأهدافه، وما إذا كان المقصود به مواجهة التهديد الإيراني في المنطقة العربية.
وفي مقابلة مع قناة “CNBC” الأمريكية، أعرب الملك الأردني عن دعم بلاده لتشكيل تحالف عسكري في منطقة الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي “الناتو”، مؤكداً وجود احتمالية تشكيل هذا الحلف من “الدول التي لديها نفس التفكير”، دون أن يشير إلى تلك الدول بالاسم.
وقال: “هذا التحالف العسكري يجب أن يكون واضحاً، ويجب أن يكون دوره محدداً بشكل جيد”، مشدداً على أن “عدم الوضوح في المهام من الممكن أن يربك الجميع”.
وفي ذات المقابلة، أكد الملك الأردني أن بلاده تواجه خطراً متزايداً جراء تمدد الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران على حدودها الشمالية مع سوريا، وقال: “الأردن ينظر إلى الوجود الروسي في سوريا كعنصر إيجابي ومصدر استقرار وعامل تهدئة، إلا أنه منذ بدء الصراع في أوكرانيا، قل حجم الوجود الروسي هناك”.
وأضاف: “واجهنا المزيد من المشاكل مع الميليشيات الشيعية على حدودنا مثل تهريب المخدرات وتهريب الأسلحة، وعاد تنظيم داعش للظهور مرة أخرى”، معتبراً أن المنطقة تشهد نهجاً جديداً يقوم على التعاون وإيجاد أرضيات مشتركة، مشيراً إلى “التحركات العربية المكوكية عبر اللقاءات السياسية غير المسبوقة، أجراها قادة عرب في إطار تحسين العلاقات والتنسيق لتوحيد المواقف قبيل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط الشهر المقبل”.
ومن المحتمل أن تكون الفكرة نابعة من رؤية ممزوجة بتنبؤ استراتيجي لمواجه المخاطر التي قد تؤثر على المنطقة العربية وبالتحديد المخاطر المتمثلة بالتهديدات الناجمة عن الفراغ الروسي في المنطقة الجنوبية من سوريا.
وكذلك التداعيات التي ألمت بالمنطقة من عمليات تهريب المخدرات واستثمار الأموال في عمليات تطوير قدرات المناورة لدى المهربين بحيث باتو يلجأون إلى استخدام المسيرات في عمليات تهريب المخدرات.
وحول إمكانية تطبيق هذه الفكرة، يرى الباحث مصطفى النعيمي أن المنطقة العربية باتت تتحسس وبشكل عميق لحجم الهجمات المتمثلة في المحور الإيراني بالدرجة الأولى وباقي الخصوم المشتركين للعرب والولايات المتحدة لذلك لجأت الدول العربية إلى الإسراع نحو تشكيل حلف عربي مماثل لحلف الشمال الأطلسي في المنطقة العربية
وأضاف النعيمي في تصريح خاص لوكالة زيتون الإعلامية: “أرى بأن مهام الحلف لا تقتصر على مسألة الهجوم المحتمل من تلك الميليشيات المرتبطة بإيران بل إنها ستتجاوز تلك الفكرة في عملية انخراط الدول المشتركة في الحلف من أجل تقديم الدعم اللوجستي لكافة القوات العسكرية بصنوفها الثلاث الجوية والبحرية والبرية إضافة إلى احتمالية تقديم الدعم اللوجستي من قبل الولايات المتحدة لتحييد قوات الخصوم التي تستهدف المنطقة العربية”.
ومن شبه المؤكد أن الجهة المستهدفة من التشكيل، هي ما أعلنها الملك الأردني صراحة ضمن المقابلة، والمتمثلة بالمخاطر الكبيرة التي باتت تهدد المنطقة العربية عموماً وتموضع الميليشيات الإيرانية والمرتبطة بها في المنطقة الجنوبية من سوريا خصوصاً.
وهنا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة قد وافقت على طلب الأردن لتزويده بستة عشر طائرة مقاتلة من طراز “F-16 C / D Block 70” إضافة إلى معدات تبلغ تكلفتها 4.21 مليارات دولار مما يتيح لسلاح الجو الأردني عمليات استطلاع بالقوة في العمق السوري لتتبع الميليشيات الإيرانية وفقاً لقواعد الاشتباك الجديدة وحجم المخاطر التي باتت تهدد الأردن والمنطقة العربية، بحسب نعيمي.
ومن المرجح أن الرد الإيراني سيقتصر على المناورة لا أكثر وذلك من خلال استثمار جهود الأذرع الولائية متعددة الجنسيات في المنطقة العربية عبر استهدافات لا هدفها ذر الرماد في عيون مؤيدي مشروع ولاية الفقيه، بحسب نعيمي.
ويؤكد النعيمي أن ذلك سيقابله حملات اغتيالات تقودها الجهات المناوئة للمشروع النووي في المرحلة الأولية خاصة بعد فشل الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة الميليشيات الإيرانية والمحلية المرتبطة بها عبر استخدام سياسة جز العشب والتي أثبتت عدم نجاعتها مع حجم الإنتشار الكبير في المنطقة الجنوبية من سوريا حتى نهاية عام 2019.
ومن ثم انتقلت إسرائيل إلى استخدام سياسة حرب الظل بالوكالة في استهداف خصومها، وكان في طليعة تلك العمليات اغتيال العالم النووي والقيادي في الحرس الثوري محسن فخري زادة.
وتبعه استخدم تكتيك حرب الظل المباشرة عبر تشغيل عملاء على الأرض الإيرانية مهمتهم اغتيال مهندس مشروع التمدد الإيراني في سوريا ومشرف العمليات التي يقودها الحرس الثوري “حسن صياد خدائي” إضافة الى مقتل العديد من خبراء برامج الصواريخ الباليستية والمسيرات وصولاً إلى استهداف مصنعي محركات المسيرات وهذا بحد ذاته حد من حجم المخاطر لكن لم يوقفها.
ويتوقع محدثنا أن تشهد المنطقة مستقبلاً مزيداً من التصعيد المتبادل ومزيداً من المخاطر واستخدام الوسائط والقوة المتدرج لوقف أي محاولات إيرانية تجاه المنطقة العربية.
لكن سيبقى الباب مفتوحاً تجاه تنفيذ الكثير من العمليات السيبرانية والمسيرات سواء الإسرائيلية أو حتى الولايات المتحدة لتعطيل مشروع التمدد الإيراني في الوقت الراهن.
ومن المؤكد أن المتغيرات التي ستجري سيكون هنالك تصعيداً دراماتيكياً ربما ما زالت إيران تلعب على حافة الهاوية في تعاطيها مع الملفات الأربعة التي تهدد وجود نظام الحكم القائم “النووي- الباليستي- المسيرات- حقوق الإنسان”، بحسب نعيمي.