تركيا - غازي عنتاب

الشباب السوريون في تركيا.. حاضر مرير ومستقبل مجهول

شباب

وكالة زيتون – تقرير خاص
وصل الشاب عبد الله الأحدب منتصف عام 2018 إلى تركيا، يحذوه الأمل في أن يصل إلى واقع أفضل من ذلك الذي عاشه في ريف حمص الشمالي بعد نحو خمسة أعوام من الحصار، يعتبرها أنها ضاعت من عمره سداً.

يقول الأحدب في حديث لوكالة زيتون الإعلامية إنه مع اندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد في آذار/ مارس 2011، كان طالباً في كلية الهندسة المعمارية في جامعة حمص، وحينها قرر ترك الدراسة والانخراط في الحراك الثوري، على أمل المتابعة بعد إسقاط النظام.

ومع طول سنوات الثورة وتحولها من السلمية إلى الحراك المسلح وجد محدثنا نفسه مضطراً لحمل البندقية، للمشاركة في معارك الدفاع عن المنطقة والرباط على خطوط التماس مع قوات الأسد والميليشيات الطائفية التي تحيط بالمنطقة من جهاتها الأربع.

وبعد رحلة طويلة في ريف حمص عاش خلالها الحصار والقصف والقتل ومختلف أنواع الانتهاكات انتهى به الحال في محافظة إدلب حيث أجبرت روسيا الفصائل العسكرية التي كانت متواجدة في المنطقة على إبرام اتفاقية تسوية تحت تهديد القصف.

وبعد وصوله إلى إدلب شعر عبد الله أنه أضاع ثمانية سنوات من عمره كان يحلم فيما سبق أنه عندما سيصل إلى هذا السن سيكون مهندساً في إحدى الدول الخليجية لقناعته بعدم وجود فرصة عمل مناسبة في سوريا تسمح له بتكوين أسرة وبناء منزل لها.

وانطلاقاً من ذلك توجه إلى تركيا، بقصد إكمال دراسته وتحقيق هدفه الذي طالما حلم به، وهنا يشير إلى أنه بعد جهد جهيد وعناء كبير وصل الأراضي التركية عبر طرق التهريب، ليتفاجأ بواقع لم يكن يتخيله في أسوء احتمالاته، فلا هو استطاع اكمال دراسته بسبب تعقيدات التسجيل في الجامعات التركية، وعدم توفر الدخل الذي يمكنه من التفرغ للجامعة، ولا وجد فرصة العمل التي تؤمن له الحياة الكريمة.

وأضاف: “ظروفي المادية شكلت العائق الأكبر أمام استكمال تحصيلي العلمي، حيث يتوجب علي وأمين إيجار السكن وأقساط الجامعة ومصاريفي الشخصية، وتأمين ذلك في تركيا يعتبر شبه مستحيل، بسبب تدني أجور العمال، وساعات العمل الطويلة التي تجعل من الصعب أن يعمل الشخص ويدرس في آن واحد”.

ويعتبر نفسه أنه تحول من شخص صاحب طموح ومهندس إلى آخر فارغ همه العمل من أجل تأمين لقمة العيش، قائلاً: “اليوم أنا أعمل في ورشة خياطة لمدة 12 ساعة متواصلة، براتب يكفي فقط إيجارات المنزل والمواصلات ومصاريف الطعام، وإن تمكنت من توفير شيء -وهو صعب- أرسله مصروف إلى والدتي المقيمة في ريف حمص”.

ويضيف: “لا أعلم أن سينتهي بي الحال في نهاية المطاف، خاصة مع الحديث عن إعادة اللاجئين السوريين إلى الشمال، فلا أنا قادر على الهجرة إلى أوروبا حيث يحتاج الأمر إلى آلاف الدولارات، ولست متحمساً للعودة إلى إدلب للإقامة في مخيم أو غرفة من طوب تعد الحكومة التركية اللاجئين فيها”.

كما أشار عبد الله خلال حديثه إلى أنه في ظل وضعه الراهن، تخلى عن الكثير من أحلامه، فهو لم يعد يفكر بمتابعة التحصيل العلمي، كما أنه أجل فكرة الزواج إلى أجل غير مسمى رغم اقترابه من الثلاثين من عمره.

واقع مرمر يعيشه الشباب السوري الذي فرض عليه نظام الأسد ظروفاً صعبة لم يكن يتوقعها، حيث اضطر الطالب الجامعي الذي كانت تبنى عليه آمال وطموحات البلاد للتحول إلى عامل يكسب قوته بشكل يومي، فيما يظل القادم المجهول أصعب وأقسى من الذي انقضى وطويت صفحته في ظل رفض أصقاع الأرض للسوريين، وغياب أي أفق للحل في بلادهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا