وكالة زيتون – تقرير
منذ بداية الثورة السورية اعتمد نظام الأسد على شخصيات أمنية متعددة لإدارة العمليات العسكرية ضد الشعب السوري، وقتل من خرج في المظاهرات ضد النظام للمطالبة بإسقاطه ونيل الحرية.
وكان من أبرز هؤلاء الأشخاص اللواء علي مملوك الذي يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات في نظام الأسد، وقد لعب دوراً كبيراً في قمع الثورة وقتل المتظاهرين واعتقال الآلاف منهم ثم قتلهم تحت التعذيب.
ويعتبر علي مملوك الصندوق الأسود لبشار الأسد، ومهندسٌ لعملياته ومخططاته، ويحظى بثقةٍ عمياءٍ منه، خاصة أن إجرامه عابرٌ للحدود، حيث ارتبط اسمه بالقتل والتعذيب فضلاً عن أنه مطلوب لعدة أجهزة استخبارات في العالم.
وولد مملوك في مدينة دمشق عام 1946، وبدأ سجله الحافل بالجرائم من بوابة السلاح الكيميائي حيث كان أحد المشرفين على تجارب الأسلحة الكيميائية في ثمانينات القرن الماضي.
وجرّب علي مملوك السلاح على عشرات المعتقلين في سجن تدمر، وتحديداً بالقرب من منطقة أبو الشامات في البادية، ثم أوعز بقصف المنطقة بالطيران لمسح آثار الجريمة.
وتدرج علي مملوك في المناصب داخل نظام الأسد، وبلغ مجده في عهد الأسد الابن، الذي أُوكل إليه رئاسة فرع التحقيق بالمخابرات الجوية (2003 – 2005)، ثم عيّن رئيساً لجهاز المخابرات العامة (2005).
وحينها بدأ بهندسة أساليب جديدة للتعذيب، إلى جانب ذلك أخذ على عاتقه مهمة التنسيق مع الاستخبارات العالمية، ما سهل عليه بناء شبكة علاقات خارجية، أمتنها مع دولة إيران.
وتكفل مملوك بعد اندلاع الثورة بكتم أنفاس الثائرين، حيث بطش بهم وعذب وقتل الآلاف منهم، وعملت أجهزته الأمنية على مراقبة السوريين في كافة المحافظات.
وكان علي مملوك عيناً لبشار الأسد على الأرض، ينقل له التقارير الأمنية لحظة بلحظة.
ووضعت الولايات المتحدة الأمريكية علي مملوك تحت ضغط العقوبات عام 2012، بسبب انتهاكه تقنيات الحاسوب في سوريا وإيران، حيث كان يشرف على برامج للتجسس على المعارضين للأسد.
وخلال الثورة وطد علي مملوك علاقاته بشكل كبير مع إيران، وزارها في أكثر من مناسبة، لتعزيز سطوة البطش ضد الثورة.
وفي عام 2012 عيّن مملوك رئيساً لمكتب الأمن الوطني، خلفاً لـ”هشام بختيار” الذي قُتل في تفجير خليه الأزمة، برفقة عدة شخصيات رفيعة المستوى في النظام.
وتعرض مملوك بعدها لعدد من العقوبات، وأصدرت لبنان مذكرة توقيف بحقه، بتهمة إدخال المتفجرات إلى أراضيها، بالتعاون مع الوزير اللبناني الأسبق ميشيل سماحة، بهدف تنفيذ عمليات إرهابية، واغتيال نواب وسياسيين ورجال دين.
ولم تمنع العقوبات الأمريكية والأوروبية مملوك من السفر، وخلال الثورة زار عدة دول عربية، من بينها المملكة العربية السعودية (2015)، والتقى حينها بوزير الدفاع السعودي آنذاك محمد بن سلمان.
وتوجه علي مملوك في العام ذاته إلى الأردن، وقابل مسؤولين أمنيين، كما زار مصر وعُمان، ووصل الأمر حتى الدول الأوربية، حيث سافر إلى إيطاليا، واجتمع مع وزير الداخلية الإيطالي ورئيس الاستخبارات، دون أن يتم مسائلته أو احتجازه على خلفية سجله الإجرامي.
وفي عام 2015 نشرت صحيفة “تيلغراف” تقريراً حول مملوك، أكدت خلاله أن مملوك تحت الإقامة الجبرية بسبب استعداده للانقلاب على بشار الأسد بالتنسيق مع عم بشار، رفعت الأسد.
ولكن رفعت رفض تأكيد الأمر أو نفيه، وقد دفع تقرير “تيلغراف” نظام الأسد للتعليق، حيث نفت وكالة “سانا” الرسمية المعلومة بشكل غير مباشر، وزعمت أن مملوك بصحة جيدة ولم يتعرض لأي عارض صحي، وأنه على رأس عمله ويمارس مهامه بشكل اعتيادي.
ويبقى علي مملوك واحداً من آلاف الضباط المجرمين في النظام، كونه الأكثر وحشية ودموية، ويأمل ضحاياه في الاقتصاص منه في يوم ما، إلى جانب رأس نظامه وحاشيته، وكل من تسبب في إبادة الشعب السوري.