وكالة زيتون – خولة خليل
ما بين قلمٍ لم يبق الا بضعه ودفترٍ مهترأ، ما بين حقيبة ممزقة تحمل نصف الكتب ويبقى النصف الثاني خارجها، ما بين حذاءٍ قد ربط طرفه وطرفه الاخر قد ضاع، تلك الاقدام التي كانت تغوص في الطين سيرا لتصل من المخيم الى المدرسة حبّاً في العلم والتعلم، ما بين عيون قد ملأت بالدمع من البرد، ما بين عيون قد ملأت املاَ بتغيير الواقع والمستقبل، الدمع والامل حكاية مُزجت لتروي حبّ أطفال سورية مع واقعهم التعليمي، هذا الواقع الذي يعتبر نواة للنهوض بالمجتمع وتطويره.
هذا الواقع الذي يعتبر مع الأسف الحلقة الأضعف في ظل هذه الحرب الشرسة على الثورة السورية التي جرّت الويلات على جيلٍ لا ناقة له ولا جمل في هذه الحرب.
واقع التعليم الذي ما يزال يقبعُ محارباً غياهب ظلمات الجهل بانتظار يد العون لتخرجه الى النور
ولكي ننهض بالتعليم في بلادنا يجب ان نستفيد من تجارب الدول المتقدمة في هذا المضمار مثل اليابان وماليزيا وألمانيا و كوريا الجنوبية، التي نهضت بالمجتمع عن طريق دعم المعلم وصرف الراتب العالي له وتأمين حياة كريمة حتى لا ينشغل بهموم الحياة وشؤونها، وكذلك باتباع أسلوب اللامنهجية في التعليم عن طريق دفع الطالب الى الابتكار والاختراع والبحث عن كل ما هو جديد ومتطور ، واليوم سنقف لنروي من خلال حكايتنا الكثير من الصعوبات التي يعيشها واقع التعليم في سورية معلنين الاعتراف عن التقصير في وصف الصعوبات، حيث تشير الدراسات التي اجراها المنتدى السوري الى أن 66.3 % نسبة الأطفال الذين في سن الدراسة هم خارج المدرسة، أي 1.8 مليون طفل في سن المدرسة خارج المنظمة التعليمية، بواقع 52% من اجمالي عدد السكان هم من الأطفال في سوريا.
حيث سنبدأ من اختلاف المناهج الدراسية من منطقة لأخرى، واختلاف العطل الرسمية والفصل الدراسي، اما قلة المدارس فهذا حديث اخر مع وجود بعضها خارج الخدمة او استخدامها كمقرات عسكرية او وضع النازحين فيها، مع عدم توفر الوسائل التعليمية واللوجستية وخاصة الالكترونية منها لمواكبة التطور، أو عدم تأهيلها بشكل كافي والتدفئة اللازمة مع قدوم فصل الشتاء، مما يؤدي الى انتشار الامراض بين الطلاب في ظل وجود الكورونا والكوليرا
كما نجد بعض الأطفال قد يقارب من الانتهاء من المرحلة الابتدائية ولا يعرف القراءة السليمة او العمليات الحسابية على الوجه الصحيح بسبب وجود غير المختصين في المراحل التأسيسية
عدم الاعتراف بالشهادات الدراسية في البلدان الأخرى والعادات والتقاليد الخاطئة في المجتمع ومنها الزواج المبكر وحرمان الفتيات من الذهاب الى المدرسة تسريب عدد كبير من الأطفال لإعالة اسرهم بسبب فقدان المعيل وتجنيد الأطفال الذين بعمر الدراسة بالإضافة الى حركة النزوح وعدم قدرة الأطفال على التأقلم في المناطق الجديدة وعدم توفر الأمان مثل الخطف والقتل كل هذه الأمور كانت تتعلق بالأطفال
أما ما يتعلق بالمعلم فقلة وجود دورات تأهيل وبناء قدرات المعلمين مع وجود محسوبيات في التعيين او عدم وجود رقابة مستمرة دون الاخذ بعين الاعتبار في مصلحة المجتمع وتأسيس جيل مثقف وواعي والظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار التي لا تتناسب مع راتب المعلم
كل هذه الصعوبات التي يعيشها المحرر كانت موجة من الهجمة الدولية الممنهجة بشكل مباشر على العملية التعليمية، وأخيراً في خضم كل هذه المتاهات التي تحيط بالعملية التعليمية يبقى الامل موجوداً ودافعاً لنا للنهوض من جديد من أجل بناء مجتمع يتسم بالعمل الجماعي، مجتمع دؤوب وإن طال ليله لا بدّ من صبحٍ يبددهّ.
خولة خليل || مديرة مركز صديق الطفل بالمنتدى السوري في جرابلس