تركيا - غازي عنتاب

النساء السوريات حمّالات للهم والمهام

IMG_20230307_195951_465

وكالة زيتون – مقال رأي

وئام لطيف || عاملة حماية في مركز حماية وتمكين المرأة في المنتدى السوري

زُلزلت الأرضُ زلزالها وحدثت الفاجعة، غرقَ شمال غرب سوريا بأعماق الكارثة، أرواح وجثث لعائلات بأكملها تحت الأنقاض ولا فرق إغاثة من الأمم المتحدة ولا فرق دولية تدخّلت في الأيام الأولى الحاسمة للإنقاذ، واجهَ السوريون المنهكون أصلاً الكارثة بما يمتلكوه من وعي التعامل البدائي مع الكوارث.

السوريات كُنَّ حمّالات للهم والمهام فمن اللحظات الأولى للكارثة قمنَّ بأدوارهنَّ الفطرية كمنقذات فكل أم حملت مالا تستطيع حمله من أطفالها وفرّت هاربة لتنجو بهم وهذا تراكم تعلمته من السنوات الطوال التي قاستها إبان القصف والتهجير المتواصل، وما أن انزاحت الساعات الأولى الثقال حتى توجهت كل مَن سلِمت وسلِمَ أفرد اسرتها إلى عملها اليومي، فالعاملات في المجال الطبي التحقنَّ بالمراكز الطبية وبدأنَّ بتقديم الاسعافات والعمليات لإنقاذ المنكوبين.

وجاء الدور المحوري لمتطوعات الدفاع المدني اللواتي حفرنَّ الصخر بمعناه الفعلي لا المجازي وبحثنَّ بين الركام عن العالقين تحت الأنقاض وقضينَّ الساعات والأيام الأولى في هذه المهمة الملائكية متناسيات قدرة المرأة الجسدية في تنفيذ هذه المهام الشاقة متسلّحات بشعار مؤسستهنَّ (مَنْ أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاْ) والأغلب شاهدَ فرحتهن وشغفهنَّ عند انقاذ أياً من الأرواح، وكانت المشاهد التي بثها الإعلام أثناء تحدثهن مع العالقين تحت الأنقاض دور فعّال في صمودهم لحين اتمام عمليات الإنقاذ.

أما النساء العاملات في المنظمات الإنسانية كان لهنَّ دوراً بارزاً في التخفيف من هول الكارثة وتسابقنََ مع زملائهنَّ الذكور في تجهيز مراكز الإيواء فقمنَّ بنصب الخيام ذات الحوامل الحديدية وتركيب المدافئ وحمل أكياس مواد التدفئة متغلبات على حاجز الطاقة الجسدية لهنَّ لتنفيذ هذه المهام لساعات متأخرة من الليل تاركات اطفالهنَّ وأزواجهنَّ المتضررين نفسياً من الكارثة، في هذا الصدد كان واضحاً إضفاء الطابع الأنثوي على دورهنَّ في تقديم الدعم النفسي للناجيات والذي بدا واضحاً من خلال تغلّب مشاعر التعاطف في تقديم الاستجابة.

وكان الاستماع لقصص الناجيات دوراً هاماً لمعرفة احتياجاتهن والتعبير عن مشاعرهنَّ أثناء وبعد الكارثة، لزيادة قدرتهنَّ على امتلاك استراتيجيات اضافية للتأقلم مع الكارثة وتقديم أليات التعامل مع الصدمة بغية تخفيف الضغط النفسي والتوتر الناجم عن الكارثة، وكان لدور النساء العاملات الأثر البالغ في ربط الناجيات بالخدمات الخاصة التي يحتاجهنَّ من خلال تقديم وجهة النظر النسائية في هذه الخدمات ضمن فريق الاستجابة الميداني، فكان لهذه الأعمال دوراً هاماً في إكسابهنَّ خبراتٍ عمليةٍ جديدةٍ للتعامل مع الكوارث وما ينتج عنها، مما يساهم في تقديم أفضل للخدمة شكلاً ومضموناً.

يدفع هذا العمل المقدّم جميع المنظمات الدولية الإنسانية للاستمرار بتقديم جميع المساعدات والاحتياجات بشكلٍ مستمرٍ عبر جميع المعابر وتحسينها كماً ونوعاً والابتعاد عن التأثيرات السياسية التي تعيق تلبية هذه الاحتياجات، وتحضير خطط طوارئ دولية إسعافيه للمنطقة وحماية عامة المجتمع السوري المنكوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا