وكالة زيتون – مقال رأي
خولة خليل || مديرة مركز صديق الطفل في المنتدى السوري – جرابلس
مثل شجرة زيتون دائمة الخضرة ، ضاربة أعماق الأرض بجذورها ، شامخة شموخ الجبال في وجه الخطوب والمحن ، على وقع الخطى المتسارعة للأطفال والكبار هرباً من الموت الذي يلاحق السورين أينما حلوا وارتحلوا.
لم تكن ليلة السادس من شباط والتي زادت من أعباء الهموم بحلته الظلماء حدث جديدا على المراة السورية ، فمنذ انطلاق الثورة السورية اتخذت من النضال السلمي وسيلة لتحقيق المطالب المشروعة.
المرأة السورية التي عرفت تجربة السجن وذاقت كل أنواع التعذيب واصرت على ترسيخ فكرة النضال السلمي ، كما عرفت كل أنواع التهجير و سكنت الخيام والبيوت مسبقة الصنع وتعرضت لكل أشكال الذل والقهر ولكنها استمرت بكل ما هي مؤمنة به.
تابعت بعد خروجها من المعتقل في تأسيس وقيادة مشاريع التي تعنى باللاجئين والأطفال وكان لها الدور الفاعل في عدد من المجالات الإغاثية والإنسانية والسياسية في عدد كبير من الأماكن، ولكن بعد تحول الثورة من المرحلة السلمية من قبل النظام المجرم واستخدامه كل أنواع الأسلحة ضد هذا الشعب السوري، إنتقلت المرأة السورية الى مرحلة جديدة استطاعت من خلالها التعبير عن نفسها وعن معاناتها وعن طموحاتها
فقد اقتصر دورها قبل انطلاق الثورة على الدور الكلاسيكي للمرأة السورية، حيث نجدها كانت تعمل بأعمال المنزل أو بالعمل الوظيفي الروتيني مثل التعليم او بعض الوظائف في المؤسسات الحكومية العامة أو الخاصة.
أما بعد الثورة أصبحت تتسع بآفاقها بكل المجالات من خلالها خروجها بالمظاهرات مع الرجل ، او خلال تبرعها بالغالي والنفيس من أموال او ذهب في سبيل دعم الثورة السورية المباركة، كما قدمت فلذات كبدها لدعم الثورة، وكان لها الدور الاساسي في التأثير بالمجتمع ودعم الحراك الثوري والعمل السلمي بالإضافة إلى النشاط السياسي والإنساني والحقوقي، وبرز دورها مؤخراً في الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا من خلال المبادرات التطوعية التي انتشرت مؤخراً لدعم أهلنا المتضررين.
اليوم، نجد الكثير من النساء بادرن بالعمل التطوعي سواء من خلال فرق الإنقاذ مع الدفاع المدني كمسعفات أو التطوع لاعداد الطعام للعوائل المتضررةـ، أو تقديم السلل الإغاثية للمحتاجين.
فقد كان للمراة دور كبير في رفع الروح المعنوية وتثبيت الرجال بالايمان بقضية الثورة وخير دليل على ذلك مئات النساء الذين برزن في بداية الثورة السورية وكان لهم التأثير الكبير مثل: رزان زيتونة، فدوى سليمان، مي سكاف، بسمة قضماني، مجد الشربجي وغيرهم الكثير من المناضلات اللواتي مازلن حتى اليوم في المعتقلات.
ومع العديد من التراكمات والعمل يكمن دورها اليوم في مناطق شمال غرب سوريا من خلال عملها كمرشدة اجتماعية وفي مجال الدعم النفسي أو من خلال عملها في المنظمات الإنسانية ووصولها إلى بعض المناصب الإدارية الهامة في المجالس المحلية داخل سوريا وعملها في المجال السياسي في الائتلاف وهيئة التفاوض بالإضافة إلى دورها كعضو في اللجنة الدستورية.
ستظل المراة السورية قائمة بالاعمال المنوطة بها مهما كانت الظروف التي يمر بها المجتمع وستبقى ركيزة أساسية في بناء وصمود المجتمع تجاه كل النوائب والكوارث التي لحقت به، وسيكون لها الدور الأكبر في إعادة بناء المجتمع كما كان وافضل من قبل، لانها قوية كالحرب وناعمة كالسلام، المرأة السورية هي عماد المجتمع السوري وركيزته الأساسية.